اضطرابات التوازن لدى كبار السن وطرق تدبيرها في المغرب

جدول المحتويات

مقدمة

يرتبط التقدم في السن بالعديد من التغيرات الفيزيولوجية والمرضية التي تؤثر على وظائف الجسم المختلفة. وتُعد اضطرابات التوازن من المشكلات الشائعة التي قد تؤدي إلى عواقب وخيمة.
وبسبب الشيخوخة الديموغرافية، أصبحت هذه الاضطرابات تمثل مشكلة صحية عامة رئيسية، حيث تؤدي إلى زيادة معدل الإصابة بالأمراض ومخاطر السقوط.

يعتمد نظام التوازن لدى الإنسان على المعلومات الواردة من الرؤية، ومن عضو التوازن الموجود في الأذن الداخلية المعروف بالدهليز، ومن المستقبلات الميكانيكية الممتدة على طول العمود الفقري والمستقبلات الحسية العميقة (البروبيوسيبشن).
تنقل هذه المعلومات إلى الدماغ عبر النوى الدهليزية الموجودة في جذع الدماغ والمخيخ. وبالتالي، فإن أسباب الدوار قد تكون متعددة ومتشابكة.
عند كبار السن، قد تتأثر وظائف المداخل الحسية الثلاث المسؤولة عن التوازن، كما أن أسباب الدوار وعدم الثبات أثناء الوقوف أو المشي تكون غالبًا عصبية ومتعددة العوامل.

الفرق بين الدوار واضطراب التوازن عند كبار السن

الدوار مصطلح عام يشير غالبًا، خاصةً عند كبار السن، إلى مجموعة معقدة من الأعراض المتداخلة والمتكررة التي يصعب وصفها بدقة.
من بين الأعراض الشائعة التي يتم الإبلاغ عنها:

  • شعور بالدوران أو فقدان الاتزان
  • الشعور بخفة في الرأس أو الإغماء
  • عدم الثبات
  • اضطراب في الإدراك المكاني
  • عدم القدرة على تحديد وضعية الجسم بدقة
  • تشوش الرؤية أو عدم وضوحها

قد تكون هذه الأعراض مصحوبة بالغثيان والقيء، والإسهال، وتغيرات في ضربات القلب وضغط الدم، بل وحتى مشاعر الخوف والقلق أو نوبات الهلع.
وفي بعض الحالات، يقتصر الأمر على عدم تحمل الحركة أو عدم استقرار المشية، خاصة أثناء المنعطفات المفاجئة.

ما هي أسباب الدوار واضطرابات التوازن المرتبطة بالتقدم في السن؟

يعالج الدماغ المعلومات القادمة من مستقبلات التوازن في الأذن الداخلية (الجهاز الدهليزي)، ومن العينين (الجهاز البصري)، ومن مستقبلات العضلات والمفاصل (الجهاز الحسي العميق) للحفاظ على التوازن أثناء الوقوف أو المشي.
كما تُرسل إشارات للتحكم بحركات العين لضمان ثبات الرؤية أثناء الحركة.
أي خلل أو تأخير في نقل هذه المعلومات في أي جزء من نظام التوازن قد يؤدي إلى الدوار أو فقدان التوازن.
ومع التقدم في السن، قد يتعرض كل جزء من هذا النظام لتدهور تدريجي.

أسباب الدوار المرتبطة بالأذن الداخلية عند كبار السن

  1. الدوار الموضعي الحميد (BPPV) :

مع التقدم في السن، تصبح البلورات (التي تُعرف بالأوتوكونيا) في الأذن الداخلية أقل كثافة وتتغير في الحجم، ويقل معدل تجددها.
هذه التغيرات تزيد من احتمال تحركها بشكل غير طبيعي مسببةً هذا النوع من الدوار، والذي يُعد الأكثر شيوعًا عند كبار السن.
فبحلول سن السبعين، يعاني ثلث الأشخاص تقريبًا من نوبة واحدة على الأقل من BPPV خلال حياتهم.
كما أن المصابين بهشاشة العظام أكثر عرضة لهذا النوع من الدوار.

  1. القصور الدهليزي الثنائي المرتبط بالتقدم في السن (Presbyvestibulopathy) :

وهو تدهور تدريجي في الجهاز الدهليزي نتيجة الشيخوخة، ويُعد من الأسباب الرئيسية لاضطرابات التوازن.
يؤثر هذا القصور على جانبي الأذن الداخلية، ويُقلل من قدرة الدماغ على معالجة إشارات التوازن.
تزداد الأعراض سوءًا في الظلام أو على أرضيات غير مستوية، وقد يعاني البعض من تشوش الرؤية أو صعوبة في تحديد الاتجاهات، إلى جانب شعور بالإرهاق العام.

  1. التهاب العصب الدهليزي (Vestibular Neuritis) :

يُسبب هذا المرض نوبة مفاجئة وشديدة من الدوار غالبًا ما يصاحبها غثيان وقيء، وقد تستمر لعدة أيام.
عادةً ما تكون هذه النوبة وحيدة، ولكن قد تترك خلفها ضعفًا دائمًا في الجهاز الدهليزي مما يؤدي إلى عدم استقرار مزمن.

  1. الشقيقة الدهليزية (Vestibular Migraine):

تُعتبر نادرة عند كبار السن.

أسباب أخرى لاضطرابات التوازن المرتبطة بالعمر

غالبًا ما تنجم اضطرابات التوازن عن مجموعة من العوامل التي تؤثر على العضلات، والمفاصل، والأعصاب، بالإضافة إلى تأثر وظائف الدماغ والبصر. ويُعرف ذلك بوجود “أمراض مصاحبة” (comorbidities)، ويزيد خطر السقوط عند وجود ثلاث حالات مزمنة أو أكثر.

  1. التغيرات الفيزيولوجية المرتبطة بالتقدم في السن :
  • عدم استقرار المشية: تتباطأ سرعة المشي بنسبة 1% سنويًا بعد سن الستين، ما يزيد من خطر السقوط.
  • الخوف من السقوط: يؤدي إلى فقدان الثقة بالنفس، تقليل النشاط البدني، وتدهور اللياقة الجسدية.
  • فقدان الكتلة العضلية (Sarcopenia): يبدأ بعد سن الخمسين ويُعد عامل خطر كبير في اضطرابات المشي والسقوط.
  • ضعف الحواس: مثل ضعف البصر، والسمع، والإحساس العميق، مما يؤثر سلبًا على التوازن.
  • تدهور الجهاز العصبي: يضعف التنسيق وردود الفعل، ويزيد من خطر السقوط.
  1. الأمراض الشائعة لدى كبار السن :
  • الأمراض العصبية : مثل مرض باركنسون، السكتات الدماغية، والخرف (كالزهايمر).
  • أمراض القلب والأوعية الدموية: مثل اضطرابات النظم، فشل القلب، ارتفاع أو انخفاض ضغط الدم الانتصابي.
  1. الأدوية وتداخلاتها :

تؤثر بعض الأدوية على التوازن وتسبب الدوخة والنعاس وتشوش الرؤية.
و”تعدد الأدوية” شائع عند كبار السن، وتشمل الأدوية المتهمة: مضادات التشنجات، مضادات الاكتئاب والقلق، المهدئات، المسكنات القوية، مرخيات العضلات، وبعض أدوية القلب.

  1. العوامل البيئية والسلوكية :

مثل سوء تصميم المنزل (سجاد زلق، إضاءة ضعيفة)، قلة الحركة، والتدهور البدني، مما يزيد خطر السقوط والدوخة.

ما هي عواقب اضطرابات التوازن عند كبار السن؟

  • السقوط والإصابات: يؤدي إلى كسور، إصابات في الرأس، وخوف مزمن من السقوط، مما يسبب فقدان الاستقلالية والعزلة الاجتماعية.
  • تأثير على جودة الحياة: يؤدي إلى الاكتئاب والقلق بسبب فقدان الاستقلال.
  • تبعات اقتصادية: تشمل تكاليف العلاج، الاستشفاء، وخدمات الدعم والرعاية المنزلية.

تدبير اضطرابات التوازن والدوار لدى كبار السن في المغرب

  1. الرعاية الطبية :
  • إجراء تقييم شامل للمسنين لتحديد الأسباب الكامنة.
  • مراجعة الأدوية المستخدمة.
  • الفحص السمعي والتوازني لدى طبيب الأنف والأذن والحنجرة لتحديد نوع الخلل.
  • علاج الحالات المرضية الخاصة إن وجدت.
  1. التأهيل البدني وإعادة التأهيل :
  • برنامج تمرينات رياضية مخصص يشمل تقوية العضلات، تحسين الثبات، وتمارين التوازن الدهليزي.
  1. استخدام الوسائل المساعدة :
  • مثل العكازات، المشايات، وتعديل المنزل (قضبان دعم، إضاءة جيدة، إزالة العوائق).

يتطلب التدبير المتكامل تعاون فريق متعدد التخصصات من أطباء، أخصائيي علاج طبيعي، علاج وظيفي، نطق، وغيرهم، لتقديم رعاية شاملة ومخصصة.

هل يمكن الوقاية من اضطرابات التوازن عند كبار السن في المغرب؟

  1. الوقاية الأولية :
  • التشجيع على النشاط البدني منذ سن مبكرة.
  • التوعية بأهمية التغذية المتوازنة لتجنب الأمراض المزمنة.
  1. الوقاية الثانوية :
  • الكشف المبكر عن اضطرابات التوازن في العيادات gériatrie (طب الشيخوخة)، ومعالجة الحالات في مراحلها الأولى.
  1. الوقاية الثالثية :
  • التأهيل الوظيفي لمن يعاني من اضطرابات التوازن.
  • المتابعة بعد السقوط.
  • مواصلة العلاج الطبيعي والتأهيل.

الخاتمة

تُعد اضطرابات التوازن لدى كبار السن مشكلة صحية عامة متفاقمة في المغرب، نتيجة التغيرات الديموغرافية والشيخوخة المتزايدة للسكان.

 

فقدان السمع، طنين، أو انسداد الأذن – ماذا لو كان تراكم الشمع؟

مع أنه لا يُشكل أي مخاطر صحية بحد ذاته، إلا أنه قد يُؤدي في النهاية إلى مضاعفات إذا لم يُزال بشكل صحيح. كيف يتكون تراكم الشمع وكيف يُمكن الوقاية منه؟ كيف يتكون تراكم الشمع؟ شمع الأذن هو مزيج من الخلايا الميتة والمعادن والمواد الدهنية التي تُنتجها غدد صغيرة تقع في ...

اضطرابات التوازن لدى كبار السن وطرق تدبيرها في المغرب

مقدمة يرتبط التقدم في السن بالعديد من التغيرات الفيزيولوجية والمرضية التي تؤثر على وظائف الجسم المختلفة. وتُعد اضطرابات التوازن من المشكلات الشائعة التي قد تؤدي إلى عواقب وخيمة. وبسبب الشيخوخة الديموغرافية، أصبحت هذه الاضطرابات تمثل مشكلة صحية عامة رئيسية، حيث تؤدي إلى زيادة معدل الإصابة بالأمراض ومخاطر السقوط. يعتمد نظام ...

الصدمات التي تصيب صيوان الأذن الخارجية في المغرب: الأعراض، الأسباب والعلاجات

  يُعد صيوان الأذن الخارجية جزءًا هشًّا ومعرّضًا للإصابات من الجسم البشري. وفي المغرب كما في باقي أنحاء العالم، يمكن أن يتعرض لعدة أنواع من الصدمات الناتجة عن حوادث السير، أو الرياضات العنيفة مثل الملاكمة، الرجبي، كرة القدم أو بسبب الثقوب البيرسينغ تتطلب هذه الإصابات تدخلاً طبياً مختصاً في أمراض ...