الدوخة هي شعور بعدم التوازن، وغالبًا ما يصاحبها إحساس خاطئ بالحركة. يمكن أن تكون هذه الحالة مزعجة للغاية وتؤثر على جودة الحياة، خاصة عندما تكون متكررة أو شديدة. تلعب الأذن الداخلية دورًا محوريًا في التوازن والإحساس بالمكان، وتعد العديد من حالات الدوخة مرتبطة بمشاكل في هذه المنطقة من الأذن.
ما هي الأسباب والأعراض والعلاجات للدوخة الناتجة عن اضطرابات الأذن الداخلية ؟
دور الأذن الداخلية في التوازن
تتكون الأذن الداخلية من عدة هياكل، اثنان منها لهما أهمية خاصة في التوازن:
1.الدهليز: يتكون من ثلاثة قنوات نصف دائرية تستشعر حركات الرأس الدوارة، بالإضافة إلى هياكل أخرى مثل التي تكتشف الحركات الخطية واتجاه الرأس بالنسبة للجاذبية.
2.العصب الدهليزي: هذا العصب ينقل الإشارات الحسية من الدهليز والقنوات نصف الدائرية إلى الدماغ، ليتمكن الجسم من تعديل توازنه.
وبالتالي، فإن أي خلل في الأذن الداخلية يمكن أن يسبب اضطرابًا في هذه الإشارات ويؤدي إلى الدوخة. عند حدوث مشكلة في هذه المنطقة، يصعب على الجسم التكيف مع الإحساس بالمكان بشكل صحيح، مما يسبب الإحساس بالدوار.
أسباب الدوخة المرتبطة بالأذن الداخلية
الدوخة الناجمة عن مشاكل في الأذن الداخلية غالبًا ما تكون ناتجة عن اضطرابات معينة. من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى هذه الحالة:
1.التهاب الدهليز (اللابيرنثيت(
هو التهاب يصيب الدهليز في الأذن الداخلية، وقد يكون ناتجًا عن عدوى فيروسية أو بكتيرية، مما يؤدي إلى دوخة شديدة مصحوبة بالغثيان وفقدان السمع في بعض الحالات.
2.التهاب العصب الدهليزي
التهاب العصب الدهليزي هو التهاب يصيب العصب الذي ينقل إشارات التوازن من الأذن الداخلية إلى الدماغ. على عكس التهاب الأذن الداخلية، لا يؤثر هذا الاضطراب على السمع، ولكنه يسبب دوخة مفاجئة وشديدة، عادة ما تدوم لبضعة أيام، مصحوبة بالغثيان، دون التأثير على السمع.
3.مرض مينيير
هو اضطراب مزمن في الأذن الداخلية، يتميز بنوبات متكررة من الدوخة، يصاحبها طنين الأذن وفقدان السمع المتقلب. نوبات الدوخة تكون شديدة وقد تستمر من بضع دقائق إلى عدة ساعات. يظل سبب هذا المرض غير واضح، لكنه قد يكون مرتبطًا بتراكم السوائل في الأذن الداخلية.
4.الدوار الموضعي الانتيابي الحميد (VPPB)
يعد الدوار الموضعي الانتيابي الحميد من أكثر أسباب الدوخة شيوعًا. يحدث عندما تنتقل بعض الحبيبات الصغيرة من الكالسيوم (المعروفة بالأوتوليث) داخل القنوات نصف الدائرية في الأذن الداخلية، مما يؤدي إلى اضطراب التوازن. تحدث الأعراض عادةً عند تحركات مفاجئة للرأس (مثل الاستلقاء أو الوقوف)، وغالبًا ما تكون الدوخة شديدة ولكنها قصيرة المدة.
5.إصابات الرأس
قد يؤدي التعرض لإصابة في الرأس إلى تلف الأذن الداخلية أو الهياكل المحيطة بها، مما يؤدي إلى الدوخة. يمكن أن يحدث ذلك بعد حادث سيارة أو سقوط أو ضربة قوية.
أعراض الدوخة المرتبطة بالأذن الداخلية
يمكن أن تختلف أعراض الدوخة بناءً على السبب الكامن وراءها، لكن الأعراض الأكثر شيوعًا تشمل:
•الإحساس بالدوران: قد يشعر الشخص كما لو أن البيئة من حوله تدور، أو أن رأسه في حالة حركة، حتى وإن كان ثابتًا في مكانه.
•فقدان التوازن: قد يصبح من الصعب الحفاظ على التوازن، مما يجعل المشي أو الوقوف أمرًا صعبًا.
•الغثيان والقيء: الدوخة الشديدة قد تصاحبها نوبات من الغثيان وفي بعض الأحيان القيء.
•مشاكل في السمع: في بعض الحالات، مثل التهاب الأذن الداخلية أو مرض مينيير، قد يعاني الشخص من طنين في الأذن أو فقدان سمع متقلب.
•الإحساس بالتشويش: قد يعاني بعض الأشخاص من شعور بالتشويش أو الضياع، كما لو كانوا غير قادرين على إدراك المحيط بشكل صحيح.
تشخيص الدوخة الناتجة عن الأذن الداخلية
يستند تشخيص الدوخة المرتبطة بالأذن الداخلية إلى فحص سريري دقيق وعدد من الاختبارات المتخصصة:
1.الفحص الجسدي: قد يقوم الطبيب بإجراء اختبارات لتقييم التوازن والتنسيق، بهدف تحديد شدة الدوخة وتحديد السبب المحتمل لها.
2.الاختبارات الدهليزية: يمكن إجراء اختبارات مثل اختبار التدوير أو الاختبار الحراري لقياس وظيفة النظام الدهليزي في الأذن الداخلية.
3.التصوير الطبي: في حال الشك بوجود إصابة أو حالة مرضية أساسية (مثل الورم)، قد يُطلب إجراء تصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) أو التصوير المقطعي المحوسب (CT) لفحص الأذن الداخلية والدماغ.
4.القياس الكهربائي للسمع: قد يتم استخدام هذا الاختبار لقياس استجابة الهياكل السمعية والدهليزية للتحفيز الصوتي أو التغيرات في الضغط.
علاج الدوخة المرتبطة بالأذن الداخلية
يختلف علاج الدوخة حسب السبب الكامن وراءها. تشمل الخيارات العلاجية ما يلي:
1.الأدوية
•الأدوية المضادة للدوخة: يمكن استخدام أدوية مثل مضادات الهيستامين أو مضادات الكولين لتخفيف أعراض الدوخة والغثيان.
•المضادات الحيوية أو الفيروسية: إذا كانت الدوخة ناتجة عن عدوى (مثل التهاب الأذن الداخلية أو التهاب العصب الدهليزي)، فقد يتم وصف المضادات الحيوية أو الفيروسية.
2.إعادة تأهيل التوازن
تُعد إعادة تأهيل التوازن (العلاج الطبيعي الدهليزي) برنامجًا علاجيًا يساعد المرضى على التكيف مع الدوخة المزمنة وتحسين التوازن. قد يكون هذا مفيدًا بشكل خاص في حالات الدوار الموضعي الانتيابي الحميد أو التهاب العصب الدهليزي.
3.الجراحة
في بعض الحالات الشديدة، مثل مرض مينيير، قد يتطلب الأمر تدخلًا جراحيًا، مثل تصريف السوائل المتراكمة في الأذن الداخلية أو تدمير بعض الهياكل المسؤولة عن الدوخة.
4.تقنيات إعادة الوضع
في حالة الدوار الموضعي الانتيابي الحميد، قد تكون المناورات العلاجية مثل مناورات إيبلي فعالة للغاية. تتضمن هذه المناورات تحريك الرأس بشكل دقيق لإعادة وضع حبيبات الكالسيوم في القنوات نصف الدائرية.
الخلاصة
الدوخة الناتجة عن اضطرابات الأذن الداخلية هي سبب شائع لفقدان التوازن واضطرابات التنسيق. يعتمد علاج هذه الحالة على السبب الكامن وراءها، وبينما يمكن علاج العديد من الحالات بشكل فعال، من المهم استشارة مختص للحصول على تشخيص دقيق وعلاج مناسب. بمجرد تحديد السبب، يمكن للعلاج بالأدوية، إعادة التأهيل، أو في بعض الحالات التدخلات الجراحية أن يساعد في تخفيف الأعراض وتحسين جودة حياة المرضى.